مختارات من شعر الشاعر الليبي سراج الدين الورفلي
1-ليتك لا تُكتبين
ليتك لا تُكتبين كنت نجوت من أمية العالم كنت الان احبك بطريقة عادية ليس فيها كل هذه اللغة المهزومة والاخفاقات المتتالية وتشييع كل شيء تقريباً من وجه القمر إلى الجزء المفقود منكِ دائما ما كنت لأغص بالظلال الهاربة إلى شمسك ، حيث تكبر الأحجار فوق كتفي ، انا من فتحت كتابكِ على مصرعيه ، فتغيرت خارطة الحرية وارتعدت الغيوم في مخيلة الوحل وحين نزل ملاك غاضب ليحصر الخراب وجدك فوق تلة الموسيقى تحفرين له قبرا مزركشاً بالخطايا تلمس قلبه ، لم يكن قد تلمس يوما قلبه ثم مات كلونٍ تخلص أخيرا من جلده ليتك لا تُكتبين كان العالم قد قتل نفسه بالكلام
2-أغنيتكِ المفضلة
اريد أن اغادر هذه الأغنية أغنيتك المفضلة على صهوة الماء الغائب المتدفق من خصر النافذة النافذة المطلة على الحديقة حيث تحبين التأرجح مع نوبات الخريف الذكريات العالقة بين الاغصان وفي شقوق الساعة ساعة للدوران ساعة للتوقف ساعة بينهما لمضغ الروح يسميها البعض .. الندم لكن لا مجال لأن أقول ذلك فأغنيتك قادمة مرة أخرى تملأ فمي بالظل الظل المنهار من الضوء والعائد من نهاية الانعكاس كوجهك في دمي دمي الذي يسيل من أغنيتك المفضلة
3-سكين الله
كانت أمي تريدني ان أكون طبيبا
كان أبي يريدني أن أكون وكيل نيابة
كان جدي يريدني أن أكون شيخ القرية
وكانت زوجتي تريدني أن افهمها
ولكني خذلت الجميع يا الله
وكنت سراج الدين
الذي لم يعرف ان يكون شيئا غربتي شاسعة احمل الملل كما يحمل ارنب جحره اينما ذهب أقتات على وحدتي كفئران المختبرات أمضي بضجر كسحابة تتسوق في ذاكرة صحراء حين صفعني أبي ذات مرة تسائلت ماذا سيحدث إن مات لم يمت حينها ولكنه مات بعد ذلك فخفت أن اعيد السؤال والآن يا إلهي أين سكينك الذي طعنتني به أريده الآن كي أرجع لك قداستك وأغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر أنا اهذي الآن سامحني ولكني لن أتراجع عن ذلك إن كنت عظيما حقا فعليك ان تحتمل حماقات الكائنات التي خلقتها أريد ذلك السكين أريد أن أرى ظلمة دمائي عليه أريد أن أرى يدك العمياء كيف تعكس وجهي يوم صفعتني وجعلت سؤال ما يخاف أن ينطقني
4-فلسفة الخطائين
اعود دائما من المكان الذي لم أذهب إليه بعد إنها فلسفة قلب الغابة وأكواب البيرة
تفريغ العطر من النهود
وتهشيم القبر الذي ولدت منه وإنشاء الرحم الذي سأدفن فيه
إنها فلسفة المخطئين الذين يحرقون اليقين للأحجار المقيمة في كهوف الأشياء
إنه الماء الذي يلتف حول العطش لتتغلغل قطعان السراب إلى مسامات الضحك
فلسفة الدخان في تزوير الظلام للنار الميتة في أحلام العميان
5-الصبراويات
الصبراويات لا يعنيهن عيد الحب لأنهن سبق وفتتن قلوبهن للنوارس إنهن يقدمن للبحر أضحيتاهن عيون منتفخة من البكاء ورجال أقوياء الصبراوية يمكن أن تُنظم معك عصابة بشرط أن تقبلها أمام زميلاتها في المدرسة الثانوية الصبراوية تعرف طريقة عجن السفنز وطريقة الطعن بالسكين وطريقة اعداد الحناء إنها سفاحة وجميلة وصابرة
يمكنها أن تكون زوجتك وتعلمك كيف تغازل النساء
يمكنها أن تقتلك وتقبل جثتك في الصباح
إنها ضعيفة تحت المطر وفاتنة من فوق السطح ولوحة زيتية من خلف نوافذ البيت
الصبراوية لا تشرد سوى أمام الموج لذلك كل فرسان احلامها صخور مبللة.
6-مدينةٌ بلا رأس
ميتٌ منذ ثلاث سنوات ولازلت أقول أحبكِ بفم مفتوح ويد منقبضة ومدينة عمياء خلف الذاكرة . رأسي المفصولة لازالت تتدحرج على العشب، جسدي البعيد أقرب لي من أي وقت مضى ، كان علي أن اشتُم أكثر كان علي أن أفسد حياتي أكثر لا أعرف لماذا ترددت ؟! نوافذ مفتوحة بلا معنى، أنيابٌ مقتلعة من عنق الزهرة، روث في الطريق المؤدية للخلاص أغانٍ بائسة ومشردة تحوم فوق كومة الحرية لا أعرف لماذا ترددت؟! ما معنى أن اترك الباب موارباً واحضر القهوة أجلب كرسي آخر أضع ساقاً على ساق وأراقب كل دقيقة الساعة ثم أنفخ .. وأنام جالساً ليخبرني الجميع في ذكرى وفاتي السنوية بأني تأخرتُ كالعادة.. تأخرتُ عن البكاء تأخرتُ عن الولادة ووصلتُ قبل الجميع إلى الموت كنتُ أطارد نفسي لم أتوقف يوماً عن مطاردة نفسي لأقول لكِ أحبكِ أحبكِ رغم تأخر الوقت لقول أي كلام آخر.
7- (حكة)
الغرفة ممتلئة بي الغرفة تشعر بذلك ولكني أبدو متبلد الشعور بالكاد أذكر أني أجلس وحيداً في الغرفة لا شيء لا شيء على الإطلاق وهذا اللا شيء هو اقصى ما يمكنني فعله أو الشعور به المسافة بين النافذة والقمر مُلغمة المسافة بين الوحل والغيمة مُلغمة المسافة بيني وبين نفسي .. مُضحكة لا غبار في عيون المارة هذا اليوم لا سعال في صدر البحر ولكن العالم ينام بجانبي ككلب مريض من أين تأتي الموسيقى من خلف الغابة الوحشية من قبائل الرماد من حكة في ظهر الاسم الذي ترغب في تهشيمه كلما رجع صداك يجر جثة صوتك خائباً أعضُ على أعصابي ، على دمي أعضُ على الجدار ويد النهر أعض بأسناني على قبري على رطوبة قبري لو كانت الحياة تعنيني ، كنتُ انتحرتُ منذ زمن ولكني الآن أجلس بقرب جثتي جثتي المريضة أنتظر الله ليمنحني اسماً لأطلقه عليها اسماً يمكن أن يرُى بسهولة من المسافة التي بين النافذة والقمر.
8-الكومبارس الأخير
عليك أن تكتب كقاتل مأجور كموظف حكومي مبللة ملابسه بالملل، عليك ان تكتب بكسل كأنك صخرة تنمو كأنك قمامة تحب الحياة، عليك أن تكتب وتسرف في الإختناق والتعفن سيتسع حينها لك قبرك سيتسع لعظام اسلافك أيضا سيتسع لبروق وحقول القرى المجاورة وامسح لعاب سيفك من جثث اعدائك دع ظلك يغضب ليختفي بهلوان الضوء أنت أيها الموبوء المعضوض في قلبك عليك ان تكتب قبل أن تلتهمك جراثيم التفاصيل قبل ان تصير مذبحة قادمة عليك ان تكتب كمهزوم يجوع احيانا لمعاركه السابقة ليكرر مشهد موته مرات ومرات أقتلها تلك الجبانة التي تحمل نعشك من عشيق لآخر، مزق فمها بعثر نهدها فخخ خصرها وامسح لعاب سيفك من جثث اعدائك ، عليك أن تكتب كأنك أول كومبارس خلقه الله.
سراج الدين الورفلي / ليبيا
تعليقات
إرسال تعليق